مفهوم مختلف واستدلال مناقض في حقوق المرأة الضائعة والمفاهيم الخاطئة(7) للدكتورة سهيلة زين العابدين
المنشور في ملحق الرسالة لجريدة المدينة يوم الجمعه21جمادى الآخرة 1428هـ العدد16144
اما المفهوم فهو لمعنى متعجرات التي رويت عن عائشة عند ثنائها على نساء الأنصار,تقول الدكتورة متعجرات أي كاشفات الوجوه.
فذهبت ابحث عن هذه الكلمة لعلي أجد معنى مطابق أو قريب للمعنى الذي ذكرته الدكتورة
فقرأت مجموعة رسائل في الحجاب والسفور لشيخ الإسلام ابن تيميه والشيخ عبد العزيز ابن باز والشيخ ابن عثيمين رحمهم الله وكتب أخرى تحدثت عن الحجاب فما وجدت المعنى الذي ابحث عنه
ثم بحثت في مختار الصحاح للرازي فوجدت: الاعتجار من عجر,والمعجر بالكسرة ما تشده المرأة حول رأسها و الاعتجار أيضا ًلف العمامة على الرأس.
من هنا يتضح أن المعنى الأقرب للاعتجار هو التغطية وليس الكشف.
أما الاستدلال المناقض الذي ذكرته الدكتورة فهو حديثي عائشة رضي الله عنها في امتداحها المهاجرات وثنائها على نساء الأنصار
فالكاتبة أوردت الأدلة التي استدل بها من أباح كشف الوجه ثم ذكرت أن حديث عائشة دلالة على إباحة كشف الوجه والحقيقة أن حديثي عائشة استدل بهما العلماء على تغطية الوجه وليس جواز الكشف.
ومن هنا أود أن اذكر الأدلة التي تحرم كشف الوجه وهذه الأدلة أقوى وأرجح من أدلة جواز الكشف
وقبل هذا سأكتب رد العلماء والمشايخ على أدلة دعاة التبرج والسفور
ذكروا أن ما أستدل به مجيزين كشف الوجه لا يخلوا من ثلاث حالات:
1/دليل صحيح صريح,لكنه منسوخ بآيات فرض الحجاب كما يعلمه من حقق في تواريخ الأحداث,أي قبل عام خمس من الهجرة,أوفي حق القواعد من النساء,أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء.
2/دليل صحيح لكنه غير صحيح,لا تثبت دلالته أمام الأدلة القطعية الدلالة من الكتاب والسنة على حجب الوجه والكفين كسائر البدن والزينة,ومعلوم أن رد المتشابه إلى المحكم هو طريق الراسخين في العلم.
3/دليل صريح لكنه غير صحيح,لا يحتج به ولا يجوز أن تعارض به النصوص الصحيحة الصريحة والهدي المستمر من حجب النساء لأبدانهن وزينتهن ومنها الوجه والكفان.
هذا مع انه لم يقل أحد في الإسلام بجواز كشف الوجه واليدين عند وجود الفتنه ورقة الدين وفساد الزمان بل أجمعوا على سترهما.
أما الأدلة التي توجب تغطية الوجه سأذكر بشيء من الإيجاز أدلة القرآن التي ذكرها الشيخ ابن عثيمين في رسالة الحجاب
الدليل الأول: قوله تعالى(وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن...)آية31سورةالنور
وبيان دلالة هذه الآية على وجوب الحجاب من وجوه:
1-أن الله تعالى أمر المؤمنات بحفظ فروجهن والأمر بحفظ الفرج أمربه وبما يكون وسيلة إليه ولا يرتاب عاقل أن من وسائله تغطية الوجه لأن كشفه سبب للنظر إليها وتأمل محاسنها والتلذذ بذلك وبالتالي الوصول والاتصال وفي الحديث العينان تزنيان وزناهما النظر إلى أن قال والفرج يصدق ذلك أو يكذبه فإذا كان تغطية الوجه من وسائل حفظ الفرج كان مأمورا به لأن الوسائل لها أحكام المقاصد.
2-قوله تعالى:(وليضربن بخمرهن على جيوبهن) فإن الخمار ما تخمر به المرأة رأسها وتغطيه به كالغدفه فإذا كانت مأموره بأن تضرب بالخمار على جيبها كانت مأمورة بستر وجهها أما لأنه من لازم ذلك أو بالقياس فإنه إذا وجب ستر النحر والصدر كان وجوب ستر الوجه من باب أولى لأنه موضع الجمال والفتنه فإن الناس الذين يتطلبون جمال الصورة لا يسألون إلا عن الوجه فإذا كان جميلا لم ينظروا إلى ما سواه نظرا ذا أهميه ولذلك إذا قالوا فلانة جميلة لم يفهم من هذا الكلام إلا جمال الوجه فتبين أن الوجه هو موضع الجمال طلبا وخبرا فإذا كان كذلك فكيف يفهم أن هذه الشريعة الحكيمة تأمر بستر الصدر والنحر ثم ترخص في كشف الوجه.
3-إن الله تعالى نهى عن إبداء الزينة مطلقا إلا ماظهر منها وهي التي لابد من أن تظهر كظاهر الثياب ولذلك قال إلا ما ظهر منها لم يقل إلا ما أظهرن منها,ثم نهى مره أخرى عن إبداء الزينه إلا لمن استثناهم فدل هذا على أن الزينه الثانية غير الزينة الأولى فالزينة الاولي هي الزينه الظاهرة التي تظهر لكل احد ولا يمكن إخفاؤها والزينة الثانية هي الزينة الباطنة التي لا يجوز إبداؤها إلا لأناس مخصوصين سواء كانت من صنع الله تعالى كالوجه أم من صنع الآدميين كثياب الجمال الباطنه التي يتزين بها ولو كانت هذه الزينه جائزة لكل أحد لم يكن للتعميم في الأولى والاستثناء في الثانية فائدة معلومة.
4-إن الله تعالى يرخص بإبداء الزينه الباطنة للتابعين غير أولي الإربة من الرجال وهم الخدم الذين لا شهوة لهم وللطفل الصغير الذي لم يبلغ الشهوة ولم يطلع على عورات النساء فدل هذا على أمرين:
أحدهما:أن إبداء الزينة الباطنة لا يحل لأحد من الأجانب إلا لهذين الصنفين.
الثاني:أن علة الحكم ومداره على خوف الفتنة بالمرأة والتعلق بها ولا ريب أن الوجه مجمع الحسن وموضع الفتنه فيكون ستره واجبا لئلا يفتتن به أولو لإربة من الرجال.
قوله تعالى(ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن). يعني لا تضرب المرأة برجلها فيعلم ما تخفيه من الخلاخيل ونحوها فإذا كانت المرأة منهية عن الضرب بالأرجل خوفا من افتتان الرجل بما يسمع من صوت خلخالها ونحوه فكيف بكشف الوجه.فأيهما أعظم فتنه أن يسمع الرجل خلخالا بقدم امرأة لا يدري ما هي وما جمالها لا يدري أهي شابة أم عجوز ولا يدري أشوهاء أم حسناء أيهما أعظم فتنة هذا أو أن ينظر إلى وجه سافر جميل..إن كل إنسان له إربه ليعلم أي الفتنتين أعظم وأحق بالستر والإخفاء.
الدليل الثاني:قوله تعالى(والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة..)النور60
وجه الدلالة أن الله تعالى نفى الجناح وهو الإثم عن القواعد وهن العجائز اللاتي لا يرجون نكاحا نفى الله الجناح عن هذه العجائز في وضع ثيابهن بشرط أن لا يكون الغرض من ذلك التبرج بالزينة.
الدليل الثالث: قوله تعالى (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن..)الأحزاب58
قال ابن عباس رضي الله عنهما: أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجه أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب و يبدين عينا واحدة.وتفسير الصحابي حجه بل قال بعض العلماء إنه في حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقوله رضي الله عنه و يبدين عينا واحده إنما رخص في ذلك للضرورة والحاجة إلى نظر الطريق. والجلباب هو الرداء فوق الخمار بمنزلة العباءة قالت أم سلمه رضي الله عنها لما نزلت هذه الآية خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من السكينة وعليهن أكسية سود يلبسنها.
الدليل الرابع: قوله تعالى (لا جناح عليهن في آبائهن ولا أبنائهن ولا إخوانهن...) الأحزاب55
قال ابن كثير لما أمر الله النساء بالحجاب عن الأجانب بين أن هؤلاء الأقارب لا يجب الاحتجاب عنهم كما استثناهم في سورة النور.فهذه أربعة أدلة من القرآن تفيد وجوب احتجاب المرأة عن الرجال الأجانب.
ذكر الشيخ أدلة كثيرة من السنة لا يتسع المجال لذكرها هنا لذلك أنصح بقراءة رسالته رحمه الله.
في ختام مقالة الدكتورة أضافت بأنه (آن الأوان لأن تظهر الداعية في الساحة وأن تشارك بفاعليه وإيجابيه في مناقشة قضايا الأمة..) كلام جميل ولكن الدكتورة تريد الداعية أن تظهر كاشفه وجهها وكأن الحجاب عطل قضايا الأمة أو يقف سدا منيعا لمشاركة المرأة الفاعلة.
في الختام أقول لا شرف ولا عزة لنا بدون حجابنا ولنافي البلدان المجاورة عظة واعتبار فما ظهر فساد الأخلاق لديهم وتفشت الفواحش إلا من سفور نسائهم قال الرسول عليه الصلاة والسلام: (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء) وقال (إن الدنيا حلوة خضرة وأن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون,فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء).
حمدة عبد الله العامري